ب مم وبيسي

مم /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني /التجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة /صفائي /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي /الهندسة بأفرعها /لغة انجليزية2ث.ت1. /مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق /عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ /فيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق /فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات / /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني ثانوي.ت1. /ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث  ///بيسو /مدونات أمي رضي الله عنكي /نهاية العالم /مدونة تحريز نصوص الشريعة الإسلامية ومنع اللعب باالتأويل والمجاز فيها /ابن حزم الأندلسي /تعليمية /أشراط الساعة /أولا/ الفقه الخالص /التعقيبات /المدونة الطبية /خلاصة الفقه /معايير الآخرة ويوم الحساب /بر الوالين /السوالب وتداعياتها

الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

الرد علي الشبهات ففيما يتعلق بعلامات يوم القيامة

السؤال

 

أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء، وأنه لا وحي بعده، وأن عيسى -عليه الصلاة والسلام- لا يأتي بشريعة جديدة، وإنما يطبق شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل عيسى بعد نزوله لا يوحى إليه، أم المراد بالنفي من أنه لا وحي بعد وفاة الرسول الوحي التشريعي، لكن يجوز غيره من أنواع الوحي؛ كالوحي بالغيب، أو الوحي بالتبشير بالجنة، كما بشّر الرسول بعض أصحابه بالجنة؟ فقد ورد في الحديث: "ثمَّ يأتي نبيُّ اللَّهِ عيسى قومًا قد عصمَهُمُ اللَّهُ، فيَمسحُ وجوهَهُم، ويحدِّثُهُم بدرجاتِهِم في الجنَّةِ، فبينَما هم كذلِكَ إذ أوحى اللَّهُ إليهِ: يا عيسى، إنِّي قد أخرَجتُ عبادًا لي، لا يَدانِ لأحَدٍ بقتالِهِم، وأحرِزْ عبادي إلى الطُّورِ"، فالحديث صريح في أن سيدنا عيسى يوحى إليه بعد نزوله، وهل تحديثه بدرجاتهم في الجنة هو أيضًا من الوحي؟ وهل يجوز لسيدنا عيسى بعد نزوله أن يبشّر بعض الناس بالجنة؛ كما كان رسول الله يبشّر بعض أصحابه بالجنة؛ وأن يخبر ببعض الغيبيات، كما كان يفعل الرسول -صلى الله عليهم جميعًا وسلم-، فهل هذا ممكن أم مستحيل؟ 

الإجابــة 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فإن عيسى -عليه السلام- حين ينزل في آخر الزمان لا يوحى إليه بشريعة جديدة، وإنما يحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يتنافى مع كون عيسى -عليه السلام- حين ينزل يكون نبيًّا، لم يُرفع عنه وصف النبوة، وأنه بعد نزوله يوحى إليه بما شاء الله -من المغيبات، أو غيرها- وحيًا حقيقيًّا بواسطة جبريل -كما هو شأن الأنبياء-، إلا أنه لا يوحى إليه بشرع جديد ناسخ لشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، قال السيوطي في رسالته: (الإعلام بحكم عيسى عليه السلام) ضمن الحاوي للفتاوي: فقول السائل: بماذا يحكم في هذه الأمة بشرع نبينا أو بشرعه؟ جوابه: أنه يحكم بشرع نبينا، لا بشرعه، نصّ على ذلك العلماء، ووردت به الأحاديث، وانعقد عليه الإجماع. ومن الأحاديث الواردة في ذلك: ما أخرجه أحمد، والبزار، والطبراني من حديث سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ينزل عيسى ابن مريم مصدقًا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وعلى ملّته، فيقتل الدجال، ثم إنما هو قيام الساعة». وأخرج الطبراني في الكبير، والبيهقي في البعث بسند جيد، عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يلبث الدجال فيكم ما شاء الله، ثم ينزل عيسى ابن مريم مصدقًا بمحمد، وعلى ملّته، إمامًا مهديًّا، وحكمًا عدلًا، فيقتل الدجال» ... هل ثبت أن عيسى -عليه السلام- بعد نزوله يأتيه وحي؟ والجواب: نعم، روى مسلم، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم، من حديث النواس بن سمعان قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال - إلى أن قال -: فبينما هم على ذلك، إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، واضعًا يده على أجنحة ملكين، فيتبعه فيدركه، فيقتله عند باب لد الشرقي، فبينما هم كذلك، أوحى الله إلى عيسى ابن مريم أني قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يدان لك بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور، فيبعث الله يأجوج ...الحديث. فهذا صريح في أنه يوحى إليه بعد النزول. والظاهر أن الجائي إليه بالوحي جبريل -عليه السلام-، بل هو الذي يقطع به، ولا يتردد فيه؛ لأن ذلك وظيفته، وهو السفير بين الله وبين أنبيائه، لا يعرف ذلك لغيره من الملائكة. والدليل على ذلك ما أخرجه أبو نعيم في "دلائل النبوة" عن عائشة قالت: قال ورقة لخديجة: جبريل أمين الله بينه وبين رسله ... قد زعم زاعم أن عيسى ابن مريم إذا نزل لا يوحى إليه وحيًا حقيقيًّا، بل وحي إلهام، وهذا القول ساقط مهمل؛ لأمرين: أحدهما: منابذته للحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم من صحيح مسلم، وغيره، وقد رواه الحاكم في المستدرك، ولفظه: «فبيناه كذلك، إذ أوحى الله إليه: يا عيسى، إني قد أخرجت عبادًا لي، لا يد لأحد بقتالهم، حوّل عبادي إلى الطور». وقال: صحيح على شرط الشيخين، وذلك صريح في أنه وحي حقيقي، لا وحي إلهام. والثاني: أن ما توهمه هذا الزاعم من تعذّر الوحي الحقيقي فاسد؛ لأن عيسى نبي، فأي مانع من نزول الوحي إليه!؟ فإن تخيل في نفسه أن عيسى قد ذهب وصف النبوة عنه، وانسلخ منه، فهذا قول يقارب الكفر؛ لأن النبي لا يذهب عنه وصف النبوة أبدًا، ولا بعد موته. وإن تخيّل اختصاص الوحي للنبي بزمن دون زمن، فهو قول لا دليل عليه، ويبطله ثبوت الدليل على خلافه. وقد ألمّ السبكي بشيء مما ذكرناه، فقال في تصنيف له: ما من نبي إلا أخذ الله عليه الميثاق أنه إن بعث محمد في زمانه ليؤمن به ولينصرنه، ويوصي أمته بذلك، وفي ذلك من التنويه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيم قدره العلي ما لا يخفى ... إلى أن قال: فالنبي صلى الله عليه وسلم هو نبي الأنبياء، ولو اتفق مجيئه في زمن آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وجب عليهم وعلى أممهم الإيمان به ونصرته، وبذلك أخذ الله الميثاق عليهم، فنبوته عليهم، ورسالته إليهم معنى حاصل له، وإنما أمره يتوقف على اجتماعهم معه، فلو وجد في عصرهم، لزمهم اتباعه بلا شك؛ ولهذا يأتي عيسى في آخر الزمان على شريعته، وهو نبي كريم على حاله، لا كما يظن بعض الناس أن يأتي واحدًا من هذه الأمة، نعم، هو واحد من هذه الأمة لما قلناه من اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما يحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، وكل ما فيهما من أمر ونهي، فهو متعلق به، كما يتعلق بسائر الأمة، وهو نبي كريم على حاله، لم ينقص منه شيء ... هذا كلام السبكي بحروفه. فعرف بذلك أنه لا تنافي بين كونه ينزل متبعًا للنبي صلى الله عليه وسلم وبين كونه باقيًا على نبوته، ويأتيه جبريل بما شاء الله من الوحي. قال زاعم: الوحي في حديث مسلم مؤول بوحي الإلهام. قلت: قال أهل الأصول: التأويل: صرف اللفظ عن ظاهره لدليل، فإن لم يكن لدليل، فلعب لا تأويل، ولا دليل على هذا، فهو لعب بالحديث. قال زاعم: الدليل عليه حديث: "لا وحي بعدي". قلنا: هذا الحديث بهذا اللفظ باطل. قال زاعم: الدليل عليه حديث: "لا نبي بعدي". قلنا: يا مسكين، لا دلالة في هذا الحديث على ما ذكرت بوجه من الوجوه؛ لأن المراد لا يحدث بعده بعث نبي بشرع ينسخ شرعه، كما فسّره بذلك العلماء. ثم يقال لهذا الزاعم: هل أنت آخذ بظاهر الحديث من غير حمل على المعنى المذكور!؟ فيلزمك عليه أحد أمرين: إما نفي نزول عيسى، أو نفي النبوة عنه، وكلاهما كفر. اهـ باختصار. والله أعلم

========

 السؤال هل النار التي تخرج من اليمن مختصة باليهود أم للناس جميعًا؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فالنار التي ستخرج من عدن، وجاء بها الحديث، ستحشر الناس جميعًا، وليس اليهود فقط، ففي صحيح مسلم من حديث حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ -فَذَكَرَ- الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ". وفي لفظ الترمذي: وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ، أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ، فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا. وانظر الفتوى

 

=========

 الإجابــة 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فحديث الجساسة قد صححه الأئمة المتقدمون، كالإمام البخاري وابن عبد البر، وأخرجه مسلم في صحيحه. وقد ضعفه بعض المعاصرين لأسباب، منها: مخالفته لما ورد في صفة الدجال في الصحيحين أنه رجلٌ قصير، قَطط، جعد الرأس، أشبه ما يكون بعبد العزى بن قطن. والجساسة ليس على هذا السياق. وقد سبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 204022. ووصف الدجال في حديث الجساسة – كما في صحيح مسلم - : أعظم إنسان رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا. وفي رواية أبي داود: رجلٌ يجرُّ شعرَهُ مسلسلٌ في الأغلالِ، ينزُو فيما بين السماء والأرضِ. قال الشيخ شعَيب الأرنؤوط في تحقيق سنن أبي داود: ضعيف بهذه السياقة. اهـ. وذكر من أسباب ذلك: المخالفة السابقة في متنه. وإذا سلمنا بأن هذه المخالفات في وصف الدجال، لا يمكن الجمع بينها، فحينئذ تُقدَّم الرواية الأصح، ويُحكم على الأخرى بالشذوذ أو النكارة. ويبقى أصل الحديث صحيحا. فكيف وقد جمع شراح الحديث بين هذه العبارات التي ظاهرها التعارض، كما قال الطيبي في شرح المشكاة: قوله: ((قصير)) وجه الجمع بينه وبين قوله في الحديث السابق: ((أعظم إنسان رأيناه)) أنه لا يبعد أن يكون قصيرا بطينا عظيم الخلقة، ويحتمل أن الله تعالى يغيره عند الخروج. اهـ. وقال القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: قوله: "ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال" ظاهر هذا كبر الخلقة والجسم .. وكذا قال تميم رضي الله عنه في خبر الجساسة: "فإذا أعظم إنسان رأيناه" .. غير أنه قد تقدَّم من حديث أبي داود في وصف الدجال: "إنه قصير أفحج" وإنما يكون قصيرا بالنسبة إلى نوع الإنسان، فمقتضى ذلك: أن يكون فيهم من هو أطول منه، ولهذا قيل: إن وصفه بالأكبرية إنما يعني بذلك عظم فتنته وكبر محنته؛ إذ ليس بين يدي الساعة أعظم ولا أكبر منها، ويحتمل أن يريد به: أنه ينتفخ أحيانا حتى يكون في عين الناظر إليه أكبر من كل نوع الإنسان، كما تقدَّم في شأن ابن صياد أنه انتفخ عن غضبه حتى ملأ الطريق. اهـ. وأما دلالة هذا الحديث على علم الدجال بالغيب، فإن الغيب الذي يطلع الله عليه بعض خلقه، لا يبقى في حقهم غيبا. فالغيب المطلق لا يعلمه إلا الله، ولا يعلم أحد بذاته شيئا من الغيب، ولكن يمكن أن يطَّلع على شيء منه بإعلام الله تعالى له، كما قال سبحانه: وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ [البقرة: 255] قال ابن كثير في تفسيره: أي: لا يطلع أحد من علم الله على شيء إلا بما أعلمه الله عز وجل وأطلعه عليه. اهـ. وأما إرادة الدجال لدخول المدينة رغم علمه بأنه لن يدخلها، فهذا من جملة ما أعلمه الله للدجال، فأخبر به، وسيفعله، لتصدق نبوءة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد ورد مقتضى ذلك في جملة من الأحاديث، منها ما في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافين تحرسها، فينزل بالسبخة فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج إليه منها كل كافر ومنافق. والله أعلم. =====

 

======= السؤال هل يمكن أن يولد المسيح الدجال الأخير أو الدجال الأكبر الأخير، في سلسلة الدجاجلة بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أم أنه يجب أن يكون موجودا في الدنيا قبل ذلك؟ وما الدليل الأكيد على وجوده قبل وفاة النبي، أو أنه يمكن أن يولد بعده؟! الإجابــة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالدجال مولود بالفعل، وكان موجودا زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ودليل ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما حدث به عن تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- في حديثه الطويل المعروف بحديث الجساسة. ومحل الشاهد على حياة الدجال من الحديث قوله فيه: قَالَ: «أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "إنِّي وَاللهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ، لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ، حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بِهِمِ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ، مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقَالُوا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، قَالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا، حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أَنْتَ؟ قَالَ: قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي، فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ، فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ، فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا مِنْهَا، وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا، هَلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قَالُوا: هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ، قَالُوا: عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ، هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا، قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ، قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنَ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قَالَ لَهُمْ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي، إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ، فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً -أَوْ وَاحِدًا- مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ: «هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ، هَذِهِ طَيْبَةُ» -يَعْنِي الْمَدِينَةَ- «أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ؟» فَقَالَ النَّاسُ: نَعَمْ، «فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ، أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ، وَعَنِ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ، أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ، لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ، مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، مَا هُوَ» وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ، قَالَتْ: فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم. والله أعلم. ================

 

 السؤال 

 

هل المهدي يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم في خَلْقه؟ وهل ورد في ذلك شيء؟ الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فقد جاء في بعض الأحاديث ما يفيد شبه المهدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الخَلْقِ، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه، عن عاصم بن أبي النجود عن زر، عن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل من أمتي، يواطئ اسمه اسمي، وخلقه خلقي، فيملؤها قسطًا وعدلًا، كما ملئت ظلمًا وجورًا. وترجم عليه: ذكر البيان بأن المهدي يشبه خلقه خلق المصطفى صلى الله عليه وسلم. وحكم الألباني في الضعيفة بنكارة لفظة: وخلقه خلقي. وقال ابن حجر في فتح الباري -في تعداد من يشبه النبي صلى الله عليه وسلم-: والمهدي الذي يخرج في آخر الزمان، جاء أنه يشبه ويواطئ اسمه واسم أبيه اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. وروي ما يخالف ذلك، ففي سنن أبي داود عن أبي إسحاق، قال: قال علي، ونظر إلى ابنه الحسن، فقال: إن ابني هذا سيد، كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم صلى الله عليه وسلم، يشبهه في الخُلُق، ولا يشبهه في الخَلق. وضعفه الألباني. وتعقب الصالحي في سبل الهدى والرشاد ابنَ حجر، فقال: وعدّه المهدي في الأشباه، غلط، فقد روى أبو داود عن علي -رضي الله تعالى عنه- في صفة المهدي: «يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخُلق، ولا يشبهه في الخَلق». اهـ. وراجع للفائدة الفتوى: 151433. والله أعلم. ======

 

===== السؤال 

منذ فترة كذبت بالمهدي المنتظر، وأنا جاهلة بوجود أحاديث تبلغ به، فهل أعذر بالجهل أم أحاسب عليه؟ مع العلم أني صدقت به فور قراءة الأحاديث. الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد: فقد سبق أن بينا في الفتوى: 19084. متى يعذر الجاهل ومتى لا يعذر، وأحاديث ظهور المهدي في آخر الزمان وثبوتها ليست مما يشترك في العلم به غالب الناس، بل يكثر الجهل بها، لا سيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الجهل، وكثر فيه من يشكك في أحاديث المهدي وغيرها. فمن أنكر ظهور المهدي لأن الأدلة على ظهوره لم تبلغه فنرجو أن يُعذر بجهله، وما دمت قد بلغتك تلك الأحاديث، وصدقت بها، فهذا يكفي. ونسأل الله لنا ولك العفو والمغفرة، وانظري الفتوى: 21791 ، والفتوى: 210424. وكلاهما حول حكم من أنكر ظهور المهدي والأحاديث الدالة عليه. والله تعالى أعلم. ======

 

======== السؤال هنالك شخص يدعى: عدنان إبراهيم، أنكر نزول المسيح بن مريم؛ بحجة أنها تخالف القرآن، وقام بتأويل الآيات التي تثبت نزول عيسى، وقال: ليس عليها إجماع، واستدل بأواخر سورة المائدة: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إلهين مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)، قال: إن عيسى في يوم القيامة يخاطب الله، ولا يعلم ما أحدث أصحابه بعده، وقال: لو أنه رجع؛ لتبرأ منهم أمام الله، ولم يتفاجأ بعبادتهم له، واستدل بحديث الحوض في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يقول: أصحابي أصحابي. والملائكة تقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فالنبي يقول: إنما سأقول مثل ما قال أخي عيسى: (فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم)، وقال: إن النبي لا يعلم ما أحدثوا بعده، مثل عيسى، ولو أن عيسى سيرجع؛ لما تفاجأ أنهم عبدوه، فما الصواب للرد على هذه الشبهة؛ لأنها جعلتني في حيرة من نزول عيسى -عليه السلام-؟ وشكرًا لكم. الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فلا يخفى مع أدنى تأمل في آيات سورة المائدة، أن السؤال لم يكن عن وقوع الشرك في أمة عيسى -عليه السلام-! وإنما السؤال كان: هل أمرتهم أنت بهذا الشرك؟ والفرق بينهما واضح. وعلى حد تعبير هذا القائل بالمفاجأة، فلم يتفاجأ عيسى -عليه السلام- من وقوع الشرك، وإنما من السؤال الموجه إليه: هل أنت من أمرتهم بهذا الشرك؟ هذا أولًا. وثانيًا: وقت هذا السؤال ومحله، وقع فيه خلاف بين المفسرين: هل وقع في الدنيا بعد رفع المسيح إلى السماء، أم سيقع يوم القيامة؟ وقد ذكر شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري القولين في تفسيره، وأسند كل قول إلى قائله، ثم قال: وأولى القولين عندنا بالصواب في ذلك، قولُ من قال بقول السدي، وهو أن الله -تعالى ذِكره- قال ذلك لعيسى حين رفعه إليه، وأن الخبرَ خبرٌ عما مضى، لعلَّتين: إحداهما: أن "إذْ" إنما تصاحب -في الأغلب من كلام العرب المستعمل بينها- الماضيَ من الفعل، وإن كانت قد تدخلها أحيانًا في موضع الخبر عما يحدث، إذا عرف السامعون معناها، وذلك غير فاشٍ، ولا فصيح في كلامهم، وتوجيه معاني كلام الله تعالى إلى الأشهر الأعرف ما وجد إليه السبيل، أولى من توجيهها إلى الأجهل الأنكر. والأخرى: أن عيسى لم يشك هو، ولا أحد من الأنبياء، أن الله لا يغفر لمشرك مات على شركه، فيجوز أن يُتَوهم على عيسى أن يقول في الآخرة مجيبًا لربه -تعالى ذكره-: إن تعذّب من اتخذني وأمي إلهين من دونك، فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم، فإنك أنت العزيز الحكيم. اهـ. وعلى هذا القول الذي اختاره ابن جرير الطبري، ورجّحه، يزول الإشكال من أصله؛ لأن ذلك يكون قد وقع بالفعل، وأما نزول المسيح، فإنما يكون قرب قيام الساعة. وثالثًا: الوفاة في قوله تعالى: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [المائدة: 117]، معناها عند جمهور المفسرين: رفعه إلى السماء، وليس موته، وهذا هو الذي اختار الجلال المحلي في تفسيره المختصر، فقال: {فلما توفيتني} قبضتني بالرفع إلى السماء. اهـ. وقال البيضاوي في أنوار التنزيل: {كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ} أي: رقيبًا عليهم، أمنعهم أن يقولوا ذلك ويعتقدوه، أو مشاهدًا لأحوالهم من كفر وإيمان. {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} بالرفع إلى السماء؛ لقوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ}، والتوفي أخذ الشيء وافيًا، والموت نوع منه، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها}. اهـ. وقال القاسمي في محاسن التأويل: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ما دُمْتُ فِيهِمْ} أي: رقيبًا، أراعي أحوالهم، وأحملهم على العمل بموجب أمرك، ويتأتى لي نهيهم عما أشاهده فيهم مما لا ينبغي، {فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي} أي: بالرفع إلى السماء، كما في قوله تعالى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: 55]، والتوفي: أخذ الشيء وافيًا، والموت نوع منه، قال تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها [الزمر:42]، وسبق في قوله تعالى: يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ في (آل عمران) زيادة إيضاح على ما هنا. اهـ. وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: {وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم} أي: رقيبًا، كالشاهد على المشهود عليه، أمنعهم من قول ذلك، وأن يتدينوا به، وأتى بصيغة فعيل للمبالغة، كثير الحفظ عليهم، والملازمة لهم، و{ما} ظرفية و{دام} تامة، أي: ما بقيت فيهم، أي: شهيدًا في الدنيا. اهـ. وقال القرطبي في تفسيره: {فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم} قيل: هذا يدل على أن الله عز وجل توفاه قبل أن يرفعه، وليس بشيء؛ لأن الأخبار تظاهرت برفعه، وأنه في السماء حي، وأنه ينزل ويقتل الدجال، على ما يأتي بيانه، وإنما المعنى: فلما رفعتني إلى السماء. اهـ. وإذا اتضح معنى الآية، فأين فيها ما يتعارض مع نزول المسيح في آخر الزمان؟! ورابعًا: وهو الأهم أن نزول عيسى -عليه السلام- في آخر الزمان، لم يختلف في وقوعه أحد من أهل العلم المعتبرين، وقد قامت عليه الدلائل المتواترة من السنة، قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية، في بيان العلامة الثالثة من علامات الساعة العظمى: أن ينزل من السماء السيد المسيح عيسى ابن مريم -عليه السلام-، ونزوله ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة: أما الكتاب: فقوله: {وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته} [النساء: 159]، أي: ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى، وذلك عند نزوله من السماء آخر الزمان؛ حتى تكون الملة واحدة ملة إبراهيم حنيفًا مسلمًا، ونوزع في الاستدلال بهذه الآية الكريمة ... وأما السنة: ففي الصحيحين، وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية» الحديث. وفي مسلم عنه: «والله لينزلن ابن مريم حكمًا عدلًا، فليكسرن الصليب» بنحوه. وأخرج مسلم أيضًا عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال صل بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة». وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على نزوله، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة، والملاحدة ممن لا يعتد بخلافه، وقد انعقد إجماع الأمة على أنه ينزل، ويحكم بهذه الشريعة المحمدية. اهـ. وراجع لمزيد الفائدة كتاب: (التصريح بما تواتر في نزول المسيح) للعلامة محمد أنور شاه الكشميري. وراجع في بيان حقيقة حال صاحب هذه الدعوى الباطلة، الفتاوى: 206872، 222112، 227374. والله أعلم. ==========

 

======== السؤال الفتوى رقم:(357355) لم أفهمها جيدا، والذي لم أفهمه بالتحديد هو: هل أهل الأرض سيكونون مسلمين؟ أم فقط جزيرة العرب وما قاربها؟ أم أهل الأرض إما مسلم، وإما تحت سلطان المسلمين؟ أم فقط جزيرة العرب وما قاربها إما مسلم، وإما تحت سلطان المسلمين؟ وفي نفس الفتوى التي أشرت إليها، قلتم: وأما دخول أهل الأرض جميعًا في دين الله، فسيكون في آخر الزمان في حين ينزل المسيح، ويقتل الدجال، ويضع الجزية، ولا يقبل من أحد إلا الإسلام. لم أفهم كيف يضع الجزية، ثم لا يقبل من أحد إلا الإسلام؟ فعلى من توضع الجزية إذن؟ أم إن المقصود بكلمة الإسلام، أن يكون مسلما، أو أن يدخل تحت سلطان المسلمين؟ أم أن هناك معنى آخر لعبارة: يضع الجزية؟ وجزاكم الله خيرا. الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: ففي الفتوى المذكورة، بينا أن للعلماء اتجاهين في فهم هذه النصوص، أحدهما: أن المراد بالأرض جزيرة العرب وما قاربها. والثاني: أن المراد به العموم، وهو قول الأكثر، وهو من حيث دلالة النصوص أظهر. والمعنى أن سلطان الإسلام سيظهر على الأرض كلها، حتى يكون الناس إما مسلم، وإما منقاد للمسلمين. وأما الشق الثاني من سؤالك: فقد أخطأت في فهم معنى: ويضع الجزية، فإن معناه إلغاء الجزية وإنهاء العمل بها، وألا يقبل من أحد إلا الدخول في الإسلام، فلا يقر بالجزية أحد بعد نزول عيسى عليه السلام. والله أعلم. ====

 

== السؤال هل النار التي تخرج من اليمن مختصة باليهود أم للناس جميعًا؟ 

الإجابــة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: فالنار التي ستخرج من عدن، وجاء بها الحديث، ستحشر الناس جميعًا، وليس اليهود فقط، ففي صحيح مسلم من حديث حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ، قَالَ: اطَّلَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ، فَقَالَ: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قَالُوا: نَذْكُرُ السَّاعَةَ، قَالَ: "إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ -فَذَكَرَ- الدُّخَانَ، وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ، وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنَ الْيَمَنِ، تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ". وفي لفظ الترمذي: وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ، أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ، فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا. وانظر الفتوى: 77433، والفتوى: 273712. من موقع اسلام ويب والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ذكر قبيلتي يأجوج ومأجوج وصفاتهم

ذكر قبيلتي يأجوج ومأجوج وصفاتهم ذكر أمتي يأجوج ومأجوج وصفاتهم وما ورد من أخبارهم وصفة السد هم من نسل النيندرتال    وأخطأ من قال بغير ذلك...